في أول تجربة روائية له: عمار أحمد حامد "القناص" في روايتي شخص منقطع عن أي تواصل إنساني
أمينة عباس- فينكس
كاتب وناقد سينمائي ومترجم بالدرجة الأولى، وفي أول تجربة له في كتابة الرواية نال مؤخراً الجائزة الثانية في مسابقة توتول للإبداع الروائي عن روايته التي حملت عنوان "الرصاصة الأخيرة" والتي غاص فيها في عوالم شخصية "القناص" التي تعرف عليها السوريين خلال فترة الحرب طارحاً من خلالها أسئلته حول الموت والحياة.
* "الرصاصة الأخيرة" التي نالت الجائزة الثانية في مسابقة توتول للإبداع الروائي كانت أول رواية لك.. فهل كانت مجرد رغبة طارئة؟ وكيف ولدت فكرتها؟
** ربما كانت روايتي هي الرواية الأولى في الأدب السوري المعاصر، بعد التحرير التي تحدثت عن نهاية نظام بائد وبداية عهد جديد نتأمل فيه كل الخير لسوريا وللسوريين إن شاء الله.. لم تكن الرواية رغبة طارئة بقدر ما كانت لحظة انفجار صامت تراكمت بذوره داخلي طويلاً، أستطيع القول إن هذه الرواية كتبتها تقريباً في غضون ثلاثة أشهر فكل شيء كان مرتباً في ذهني؛ فهناك تراكم طويل من المشاهد والوجوه والملاحظات التي كنت أدونها على دفتر ملاحظات خاص بي وكل هذا كان يبحث عن متنفس حتى يخرج بالصيغة التي وجدته عليها، لم أكتب فيها عن قناص فقط، بل كتبت عن وطن بأكمله أهلكته الشعارات الرنانة منذ أكثر من 55 عاماً حتى يوم التحرير، كتبت عن توتّر زمنٍ كامل راصداً هشاشة الإنسان حين يُحاصر بالولاء والكذب والخلاص، والفكرة ولدت من تلك المسافة الغامضة بين ما نقرّره وما يُملى علينا، بين صوتنا الداخلي وصوت العالم الخارجي وربما كانت محاولة لفهم ما حدث طوال العقود السابقة من نظام باعنا شعارات وأوهام صدقناها مثلما صدقها ذاك القناص في الرواية الذي لا إسم له، لذلك لا أستطيع أن أسمّيها رغبة طارئة؛ كانت أشبه باعتراف مؤجّل وجد شكله أخيرًا على الورق، وأنا لم أكتبها وفي ذهني أي جائزة بل كنت أكتب لأتحرّر، لأفهم، ولأضع نفسي أمام مرآة لم أجرؤ على النظر فيها طويلاً لذلك جاء الخبر كمن يطرق بابًا لم أكن أتوقع أن يُفتح بتلك السرعة، شعرت للحظة أن الرواية خرجت من حدود غرفتي إلى العالم، وأن صوتها، مهما كان خافتًا قد وصل إلى أحد، والجائزة لم تكن مجرد شهادة تقدير؛ كانت اعترافًا بأن الطريق الذي بدأتُه لم يكن عبثياً، وأن ما شعرت به وأنا أكتب — ذلك القلق، وتلك الحيرة، والخيط الرفيع بين الظلمة والنور — كان قابلاً لأن يُقرأ ويُسمع ولذلك استقبلت الجائزة بفرح هادئ، يشبه ابتسامة شخص كان ينتظر إشارة صغيرة ليواصل السير، لا أكثر.
* دخلتَ في عوالم القناص النفسية وطرحتَ من خلاله الكثير من الأسئلة الوجودية حول الموت والحياة. كيف استطعتَ الولوج إلى هذه العوالم بتلك الدقة، والقناص من الشخصيات الغريبة عن مجتمعنا؟
* دخلتَ في عوالم القناص النفسية وطرحتَ من خلاله الكثير من الأسئلة الوجودية حول الموت والحياة. كيف استطعتَ الولوج إلى هذه العوالم بتلك الدقة، والقناص من الشخصيات الغريبة عن مجتمعنا؟
** لم أحاول أن أدخل إلى عالم القنّاص بصفته “قنّاصًا” فقط، بل حاولت أولاً أن أتعرف على هشاشته الإنسانية، إن صح التعبير، على ذلك الفراغ الداخلي الذي يتحول — في لحظة ما — إلى سلاح، لم أقترب منه كخبير عسكري أو صاحب معرفة تقنية، بل ككاتب يبحث عن الشقوق التي تتسرّب منها الأسئلة الكبرى: لماذا يُقدم الإنسان على القتل؟ وما الذي يتبقى منه بعد كل رصاصة؟ القناص في روايتي ليس بطلًا خارقًا ولا شيطانًا كاملًا هو شخص معزول، منقطع عن أي تواصل إنساني، يعيش في مساحة رمادية لا تشبه الأبيض ولا الأسود، هذه المنطقة — منطقة العتمة الخفيفة — هي ما جذبني. في كل مرة كنت أحاول فهمه، كنت أعود إلى نفسي: إلى مخاوفي، وارتباكاتي، وذكرياتي التي قد لا تشبه تجربته، لكنّها تحمل في جوهرها الأسئلة نفسها التي يهرب منها البشر: معنى الموت، حدود الحياة، وما إذا كان الخلاص ممكنًا لهذا بدا القنّاص قريبًا رغم غرابته. تعمّقت في وحدته، وفي صمته الطويل، وفي "الإيقاع" الذي يتكرر في ذاكرته كأثر ضائع من ماضيه، لم أكتب عنه كي أقدّم صورة عسكرية، بل كي أقدّم إنسانًا يقف على الحافة. وحين استطعت أن أضع نفسي في مكانه — لا في أفعاله، بل في شعوره بالانفصال — بدأت ملامحه تتضح على الورق وبعبارة أخرى: أنا لم أدخل عالم القناص… أنا دخلت عالم الإنسان حين يصبح ظلًّا، وحين تصبح الرصاصة مرآة لا يريد النظر إليها، لم أرد أن أقدّم القنّاص كضحية نظام وشعارات فقط بل كإنسان بُني وعيه على مجموعة من الأصوات والشعارات التي رافقته منذ الطفولة حتى أصبحت جزءًا من هويته، كان يؤمن بها لأنها كانت توفر له يقينًا جاهزًا، وتمنحه إحساسًا بالانتماء والمعنى إلى أن سقط كل ذلك في لحظة واحد.
وشخصية القنّاص لم تولد فجأة ولم يكن مجرد رجل اعتلى سطحًا ووجّه سلاحه نحو الشوارع، القنّاص في جوهره هو نتيجة سلسلة طويلة من التحوّلات النفسية والسياسية والاجتماعية التي صنعت منه كائنًا يعيش على الحافة بين الولاء والشك، بين الإيمان والخيبة، بين ما ظنّه «واجبًا» وما اكتشف لاحقًا أنه كان "كذبةً"، وفي الأيام الأخيرة للثورة، كان القنّاص يعيش ذروة هذا التشظّي الداخلي فهو بدأ رحلته مؤمنًا بشعارات النظام البائد، لكنه حين شاهد الرئيس يفرّ، ورأى بأمّ عينه كيف تهاوى البناء الذي قضى عمره يدافع عنه، شعر—للمرة الأولى—وكأن الأرض تُسحب من تحت قدميه لقد اكتشف القناص واكتشفنا أن الشعارات التي تربّى عليها لم تكن أكثر من ستار كثيف لإخفاء الفساد والنهب وصناعة الخوف، كان يدافع كما قال لنفسه لاحقًا عن كذبة كبرى لكن الاعتراف بالخديعة لم يجعله منحازًا فورًا إلى الطرف الآخر بل زاد من عزلته فهو لا يستطيع العودة إلى الماضي، ولا يملك القدرة على الانتماء الكامل للحاضر، هو عالق بين عالمين: عالم انهار وعالم لم يؤمن به بعد ولكن مع سقوط المدن واحدة تلو الأخرى بدأ يلاحظ تغيّر نظرته إلى الهدف الذي يصوّب نحوه وسأل نفسه، للمرة الأولى: "هل ما كانتُ أراه عبر منظار بندقيتي هو «العدو» فعلاً؟ أم أنه مجرد شاب مثلي يُساق بدوره إلى معركة لا يعرف نهايتها؟
* ككاتب وناقد سينمائي بالدرجة الأولى.. كيف وجدت الفارق والقاسم المشترك بين كتابة السيناريو وكتابة الرواية؟
** السيناريو يكتب الصور والرواية تكتب الوعي، في السيناريو، الصورة مفروضة علي وعلى كتابتي أفكر فيها؛ كيف يدخل الضوء من نافذة ضيقة؟ كيف يتحرك الممثل؟ ما المساحة التي تلتقطها الكاميرا؟ كل شيء يجب أن يكون مرئيًا وقابلًا للتصوير، أمّا في الرواية فأنا أفتح نافذة على الوعي ذاته:أدخل أفكار الشخصية، قلقها، رعبها، نَفَسها الداخلي ذلك العالم الذي لا تستطيع الكاميرا رؤيته إلا إذا نطقته عبر كلمات، وفي السيناريو عليك بالاقتصاد فكل كلمة محسوبة وكل جملة لها وظيفتها وكل مشهد له ضرورته، أما الرواية فهي البذخ أي بإمكاني أن أكتب عشر صفحات في وصف لحظة وأن أغوص في جملة واحدة كما لو أنها نفق يقود إلى ذاكرة بعيدة، وفي السيناريو الزمن هو ابن الساعة والدقيقة والثانية ؛عليك دائمًا أن تحسب إيقاع الفيلم، أما الرواية فهي ابنة الزمن الداخلي؛ صفحة واحدة قد تعكس سنة كاملة أو لحظة قد تُروى في فصلٍ كامل، وهناك سلطتان: سلطة القارئ وسلطة المخرج ففي السيناريو لا أكتب النص كاملاً بقدر ما أكتب إمكاناته فهناك مخرج ومصور وممثل ومونتير كل واحد منهم يعيد كتابة النص بأسلوبه الخاص، أما في الرواية فأنا المخرج والمونتير والممثل ومصمم الديكور، وفي الرواية أنا الكاتب أدير العالم الذي أخلقه وحدي حيث لاوسيط يتدخل فيما أكتب، ولكن وعلى الرغم من هذه الفوارق بينهما هناك قواسم مشتركة أولها أن الإنسان هو المحور سواء كتبتُ سيناريو أو رواية وتظل الشخصية هي بوصلتي الأولى: من تكون؟ ماذا تخفي؟ ما الذي يؤلمها؟ ومن أي جرح تنزف؟ القصة دائمًا تبدأ من إنسان، إلى جنب أن الدراما فيهما هي اللغة المشتركة الصراع، والتحوّل، والعقدة، والذروة وهي عناصر لا تتغير مهما تغيّر الشكل الفني، وكذلك البحث عن الحقيقة ففي الرواية الحقيقة داخلية وفي السيناريو الحقيقة خارجية وفي الحالتين أبحث عن تلك اللحظة التي يبدو فيها الكذب الإنساني صادقًا.
* حضرت السينما في روايتك من خلال التغلغل العميق لداخل شخصية القناص ومن هنا أسألك: هل تصلح أية رواية لأن تكون فيلماً سينمائياً؟
** هذا سؤالٌ جوهريّ ويُطرح كثيرًا في النقد الأدبي والسينمائي معًا والإجابة لا ليست كلُّ رواية صالحة لتُصبح فيلمًا سينمائيًا، لكن كل رواية تمتلك عناصر يمكن — إذا أُعيد تشكيلها — أن تُلهم فيلمًا وبشكل أدق أقول الرواية ليست فيلمًا والفيلم ليس رواية، الرواية مساحة مفتوحة للغوص في الداخل: الوعي، المشاعر، التداعيات، اللغة، الزمن الداخلي، بينما الفيلم يعتمد على: الصورة، الإيقاع، الفعل، الحوار، المنظور البصري، لذلك الأعمال المعتمدة على التأمل الداخلي الخالص أو السرد الذهني الطويل قد تكون صعبة الترجمة إلى شاشة بلا إعادة صياغة جذرية.*إذاً متى تصلح الرواية لأن تكون فيلمًا ومتى لا تصلح؟
**تصلح حين تمتلك عمودًا دراميًا واضحًا "صراع، هدف، رغبة، مواجهة" وشخصيات قابلة للتجسيد بصريًا وليست مجرد حالات لغوية أو أفكار بل مشاهد قابلة للتحويل إلى صورة: أماكن، حوادث، حوارات، مواقف، وإيقاعًا يسمح بالاختزال دون أن يفقد العمل روحَه، هناك روايات ضخمة لكنها قابلة للتكييف لأنها تحتوي على جوهر الدراما؛ مثل روايات دوستويفسكي أو غارسيا ماركيز، ولا تصلح الرواية لأن تكون فيلماً حين تعتمد على اللغة كجمال بذاته، لا كأداة سردية وحين تكون التأملات الداخلية المتراكمة بلا أحداث وبناء تجريبي بالكامل قائم على الوعي فقط مع تنقّلات متشابكة في الزمن والتي تحتاج قراءة لا مشاهدة، مثل بعض الروايات الحداثية التي يكون الشكل فيها أهم من الحدث، أما القول بحضور السينما في روايتي؟ من خلال التغلغل في داخل شخصية القنّاص، فهذا يعني أن هناك منظور بصري هو عين القناص؛ الهدف، والمسافات، وسرعة الريح، وإيقاعه قلب القناص، وهناك إن قلنا؛ توتر درامي؛ القرار "أن يقرر أن يقنص الهدف/ الإنسان الموت والحياة" ولدي شخصية محكومة بحدث واحد ضاغط يصلح جدًا للسينما وهذا النوع من الروايات قابل جدًّا للسينما لأنه يجمع بين العمق النفسي والإيقاع المشهدي، وخلاصة القول أن الرواية لا تتحوّل تلقائيًا إلى فيلم لكن الرواية التي تحتوي صراعًا وشخصية حقيقية وعالمًا ملموسًا يمكن أن تصبح فيلمًا قويًا— لو كان سردها داخليًا—بشرط أن يُعاد بناؤها سينمائيًا.
* ابتعدت في روايتك عن أبرز عناصر الرواية حيث غابت الشخصيات والحوارات وبدت الرواية أقرب إلى السيرة الغيرية.. فهل توافق على هذا الكلام؟ كيف أردت روايتك ان تكون على صعيد الشكل الفني؟
** ما يُقال عن ابتعادي عن الشخصيات والحوارات وميلي نحو السيرة الغيرية ليس توصيفًا خاطئًا تمامًا، لكنه أيضًا لا يحيط بما أردت أن أفعله فنيًا في الرواية، لقد تعمّدتُ أن أزيح العناصر التقليدية قليلًا، لا لأنني عاجز عن استخدامها، بل لأني كنت أبحث عن شكل ينسجم مع طبيعة التجربة نفسها، ومع العالم الداخلي للشخصية التي أردت تصويرها الرواية عندي لم تكن حكاية تُروى بقدر ما كانت حالة تُعاش، كنت أريد أن أقدّم عقلًا مضطربًا ووعيًا مهتزًا ورجلًا يتحدث من حافة وجوده ولذلك لم تكن الشخصيات الخارجية ولا الحوار المباشر قادرة على خدمة هذا الشكل فالحوار الحقيقي كان يدور داخل الرأس في الطبقات الداخلية للوعي وليس بين شخصين على الورق لهذا السبب بدت الرواية أقرب إلى السيرة الغيرية لأنها اعتمدت على المراقبة العميقة وعلى صوت واحد يصف العالم كما يراه لا كما ينبغي أن يُروى في تقاليد الرواية الكلاسيكية، كان مهمًّا عندي أن يتقدم السرد التأملي وأن تتصدر اللغة باعتبارها مرآة للذهن أكثر من كونها أداة لنقل حدث، أما على صعيد الشكل الفني فقد أردت رواية تُبنى من الداخل لا من الخارج الوعي أولًا ثم الحدث، الإحساس قبل الفعل، الفكرة قبل المشهد، رواية تعتمد على المونولوج أكثر من الحوار وعلى التداعي أكثر من الحبكةـ، رواية تتشظّى مثل بطلها تأتي مقطّعة غير مستقيمة كأنها محاولة لترميم ذاكرة تتسرب منها الأشياء، رواية تشبه تقريرًا نفسيًا أكثر مما تشبه مسرحًا للحكايات لكن بلغة أدبية لا سردية جافة، وبهذا المعنى لم تكن الرواية سيرة غيرية بالمعنى التقليدي بل كانت محاولة لكتابة السيرة النفسية لشخص ينهار من الداخل ويحاول أن يتشبث بشيء من المعنى ومع ذلك يبقى صوته هو المحور والنافذة الوحيدة التي يرى القارئ عبرها العالم، هذا هو الشكل الفني الذي سعيت إليه:رواية تُقرأ كأنها غوص طويل في ذاتٍ واحدة تحاول أن تشرح ما لا يُشرح، وأن تنجو بما تبقى من وعيها.
خضت التجربة الأولى لك في عالم الرواية... ماالذي يجعلك تفكر بتكرارها؟*
**إعادة خوض تجربة كتابة رواية ليست قرارًا عابرًا بل حالة داخلية تتراكم ثم تخرج في لحظة شعورية ما ويمكن تلخيص الأسباب التي تدفع أي كاتب للعودة إلى الرواية في أربعة محاور أساسية: أولها أن الرواية لا تنتهي عند الصفحة الأخيرة! حين تنهي روايتك الأولى تكتشف أن شيئًا ما ظلّ معلّقًا في داخلك: سؤال لم يُحسَم، شخصية لم تكتمل، أو مساحة شعورية لم تُستثمر كما يجب وهذا النقص نفسه يصبح دافعًا للرواية الثانية كأن الكتابة تقول لك: "ما زال هناك الكثير من الكلام الذي لم نبح به"، أما السبب الثاني فلأن التجربة تغيّرك فتريد أن ترى هذا التغيّر على الورق فكتابة الرواية الأولى تُعيد تشكيل الكاتب، تترك فيه جوانب جديدة ورؤية مختلفة للحياة فيعود الروائي ليكتب ثانية لأنه يريد أن يفهم هذا التحوّل من خلال السرد وكأن الرواية مرآة ثانية للحياة ولكن بعمق أكبر، أما السبب الثالث فهو لأن العالم – في الواقع أو في خيال الكاتب أصبح أوسع مما يتسع له عمل واحد فبعد الرواية الأولى يبدأ الخيال بالتوسع: شخصيات جديدة، فضاءات جديدة، أسئلة لم تكن موجودة من قبل فيكتشف الكاتب أن ما ظنّه رواية واحدة لم يكن سوى بوابة وأن أمامه عوالم تستحق أن تُروى، والسبب الأخير برأي لأن المتعة في الكتابة وفي خلق العوالم والأمكنة والشخصيات والأحداث أقوى من التعب فمهما كانت الكتابة مرهقة يبقى ذلك الاندفاع الداخلي للعودة إلى الورقة والجلوس لساعات في عزلة كاملة لبناء عالم من الصفر متعة خاصة لا تشبه أي شيء آخر لذلك يعود الكاتب إلى الكتابة لا لأنه مجبر بل لأنه مفتون بتلك اللحظة التي تتحوّل فيها فكرة مبعثرة إلى فصل كامل.