الأديب عبد الكريم الخير /عندليب الوادي/

بسّام جبلاوي

الأديب عبد الكريم الخير / عندليب الوادي /
1310 هجري/ 1893 ميلادي
1365 هجري/ 1946 ميلادي
ولد الأديب (عبد الكريم عبد الله الخير) عام 1310 هجري / 1893 ميلادي، في ناحية جبلة، قرية القرداحة، وتدرج منذ طفولته في تلقي العلم والمعرفة على يد مشايخ عائلته، ثم درس في مدينة بانياس على يد المعلم (يوسف الخوري)..؛ انتقل بعدها إلى مدينة اللاذقية، ملتحقاً بمدرسة (الفرير) وكان من أبرز أساتذته فيها الأديب والصحفي (إدوار مرقص) أستاذ اللغة العربية.
ثم انتقل (عبد الكريم الخير) من الدرس إلى التدريس حيث مارس هذه المهنة في مدارس مدينة طرطوس، ومن ثم عين أستاذاً لمادة الأدب العربي في ثانوية تجهيز اللاذقية.
وقد تم اختياره لمنصب نائب في متصرفيّة اللاذقيّة.
كان (عندليب الوادي) وهذا لقبه الذي تميز به لشاعريته وفصاحته من قادة ثورة الشيخ صالح العلي وأحد أركانها الأساسيين، منذ اعلانها وانطلاق شرارتها الأولى في جبال الساحل السوري 15 / 12 / 1918 لطرد الفرنسيين، ومنعهم من بسط سيطرتهم على سورية تحت ما يعرف بالانتداب آنذاك.
اختاره الملك فيصل ليكون عضواً في حكومته التي شكلت بدمشق 1920.
شغل العندليب - عبد الكريم الخير، وظيفة رئيس الكتاب بالقسم العربي في مجلة (العلوي) التي صدرت باللغتين العربية والفرنسية سنة 1923.
وعين مفتشاً للمعارف في مديرية معارف اللاذقيّة، إلا انه سرح بقرار من محافظ اللاذقيّة (شوكت العباس) سنة 1939.
وطاردته سلطات الاحتلال الفرنسي لعدة سنوات بسبب مواقفه الوطنية والقومية في مقارعة المستعمر، بكلمته التي كانت لا تًقلُّ في قوتها ومفعولها عن الرصاصة المنطلقة من فوهة بندقية.
لم يستطع (عبد الكريم الخير) أن يشهد ما ناضل لأجله، أو يكحل عينيه بالجلاء، وخروج آخر جندي من جيش المستعمر الغاشم في 17 / 4 / 1946 إذ قبل أيام قليلة جداً من هذا الحدث المرتقب، غاب (عندليب الوادي - عبد الكريم الخير) عن العرس الوطني، حيث انتقلت روحه إلى بارئها في 1 / 4 / 1946 وتوقفت أناشيد العندليب متأثراً بمرض العضال الذي أصابه وهو في عز شبابه وعطائه.
ويبقى الأثر الذي تركه الراحل (عبد الكريم الخير) ابنة وحيدة اسمها (عوازل) التي عزلها القدر عن اتحادها مع كلمة الأبوة بمختلف ألفاظها (أبي. بابا. بيّ. أبوي.... إلخ) ورفضت (عوازل) أن تكون عزلاء فتشبثت بأبيها قائلة: "إنه أبي... أقولها وأنا أشعر بمزيج من الافتخار والحب حيناً، ومن الحزن والألم حيناً، وأنا ابنته الوحيدة، فقد اختطفه الموت ورحل سريعاً وعمري لا يتجاوز الثلاث سنوات.
عشت عمري أفتقد كلمة "أبي" أفتقد هذا النداء الذي لم أحظَ به كباقي الأطفال ..كباقي الفتيات، والكل يعرف ما يمثل الأب لأولاده، خاصة منهنّ الفتيات، فكل فتاة بأبيها معجبة لأنه السند والأمان منذ الطفولة ولنهاية العمر وتعجز الكلمات عن الشرح والتفصيل حيال عاطفة الأبوة".
وتضيف: "فالزمن الذي عشته في كنفه قليل"، مرحلة الطفولة الأولى وعدم تشكل الوعي "ذكريات تتمثل بقبر منفرد على تلّة، يشرف هذا القبر على بيت ريفي جميل، له إطلالة تمتد إلى البحر لا يزال قائماً حتى الآن، عشت فيه طفولتي وصباي وعلى جدار هذا البيت صورة وحيدة لأبي تذكرني بملامحه التي لا أعرفها، أتأملها وأطيل النظر إليها لأرى بعضاً من شيفرتي الوراثية. بعضاً من منابتي وجذوري علّي أهتدي إلى ذاتي. "صفحة 5 - 6 من كتاب مزامير الحب.
ومن الأثر الذي تركه (عبد الكريم الخير) مؤلفاته، منها:
1 - مجموعة شعرية بعنوان: "مزامير الحب" سبق وأن نشرت أغلب قصائدها في الصحف والدوريات الصادرة في عشرينيات وثلاثينيات القرن الفارط، منها: مجلة النور - ومجلة الأماني.... وغيرها.
2 - مسرحية مكتوبة بعنوان: "الملك النعمان " .
وبجهد المقل، قامت ابنته الوحيدة لوحدها (عوازل الخير) منذ سنوات في رحلة بحث شائقة ما بين الكتب والمكتبات والأهل والأصدقاء والمعارف، وطيات الكتب والكراريس ورفوف الخزائن في بيتهم الريفي، تفتش عن كل كلمة كتبها والدها، أو قيلت أو كتبت فيه أو عنه، ودونت ما جمعته في كتابين، دفعتهما للطباعة والنشر..
الأول (مزامير الحب) مؤلف من 141 صفحة.
والثاني (الثأر والجوار - النعمان وذي قار) وهي مسرحية كتبها الأديب عبد الكريم الخير مابين عامي 1915 - 1920، مؤلفة من خمسة فصول موزعة على 127 صفحة.
وفي ذلك تقول السيدة عوازل: "وبعد أن خطٌ القلب مشاعري المتكسّرة على شواطئ الذكريات، كان لابدّ له أن يدوّن شيئاً من سيرة أبي الذي ترك بصمة في سفر الحياة، من خلال بحثي ومحاولتي جمع ما استطعت من تراثه أو ما تبقى منه ووضعه بين يدي القراء على قلتهم - بقصد تعريف الأجيال الحاضرة والطالعة بأفكاره.. بمواقف الوطنية.. بالدور الريادي الذي لعبه في عصره، والأهم بإنتاجه الأدبي والثقافي. "صفحة 6 مزامير الحب.
ولطالما كانت "كل فتاة بأبيها معجبة" فإن رمز الوفاء السيدة الفاضلة (عوازل عبد الكريم الخير) قررت إهداء هذه الكتب لقراء العربية عن روح والدها، وتوزيعها مجاناً، وإحياءً لذكراه ستقيم جمعية العاديات في اللاذقية، مساء السبت 4 تشرين الأول 2025 حفل توقيع لهذه المؤلفات، احتفاءً بتلك القامة الوطنية والأدبية المميزة المتميزة في عالم الجهاد والأدب واعلاء شأن الوطن، عبد الكريم الخير، الذي يشكل مع غيره من أدباء الوطن وأعلامه قدوة مثلى في سورية الحبيبة.
للسيدة الفاضلة عوازل الخير ولوالدها كل التحايا والسلام.
اللاذقية بيتنا