كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الأعشى (صَنّاجة العرب)

محسن سلامة- فينكس

أبو بصير ميمون بن قيس البكريّ، أعشى بني قيس بني ثعلبة، مات عام 629م.
أعشى الذي لا يرى عِشاء لا يرى في الليل لضعف بصره، وقد وصل عدد أسماء هؤلاء إلى ستة عشر رجلاً بهذا الاسم: أعشى باهلة، أعشى نهشل، أعشى بني ربيعة، أعشى همدان، الأعشى التغلبيّ، أعشى بني مالك...
1 - أشعر الشعراء إذا طرب، لذلك سُمّيَ (صَنّاجة العرب)، لِما لِشعره في الآذان من دويّ ورنين، حتّى ليُخيّل لسامعه أنّ شعره يُنشَدُ على جَرْسِ الصَّنج.
هو القائل في حبيبته هريرة، أجمل ما قالت العرب في امرأة رصينة جميلة واعية:
ودّع هريرة إنّ الركب مرتحلُ... و هل تطيق وداعاً أيّها الرجلُ
غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوَحِلُ
كأنّ مِشيتها من بيت جارتها مرُّ السحابة لا ريثٌ ولا عجلُ
ليست كمن يكرهُ الجيران طلعتها ولا تراها لسرّ الجار تختتلُ
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُنِي... شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ
- شاو: الذي يشوي اللحم، مشلّ: كثير الطرد، (السريع)، الشلول والشلشل والشول معناها واحد، وهو الخفيف السريع في الخدمة.
- معنى البيت: كان لي رفقاء من أصحاب اللذة والفتك، ولقد أغدو معهم إلى الحانوت، يتبعني غلام خفيف نشيط.
٢- الأعشى أوّل مَنْ أرّخ انتصار العرب الأوّل في التاريخ على عدوّ خارجيّ
عندما حبسَ كسرى مَلِكُ الفرس الملكَ النعمانَ، هبّ العرب واتّحدوا لأوّل مرّة في التاريخ، وانتصروا على العدوّ الأجنبيّ الخارجيّ في معركة ذي قار
فقال الشاعر الأعشى يخلّد هذا النصر العظيم:
وَجُنْدُ كِسْرى غَدَاةَ الحِنْوِ صَبَّحَهُمْ مِنَّا كَتَائِبُ تُزْجي المَوتَ فَانصَرَفُوا
لَوْ أنَّ كُلَّ مَعَدٍّ كان شَارَكَنَا في يَوْمِ ذِي قَارَ مَا أَخْطَاهُمُ الشَّرَفُ
٣- الشاعر الأعشى ما هجا أحداً إلّا وضعه، وما مدح أحداً إلّا رفعه
كان للمحلّق الكلابيّ بنات قد عنسْنَ، فدعا الشاعرَ إلى ضيافته ونحرَ له ناقةً، وفي سوق عكاظ من اليوم الثاني مدحه الأعشى بقصيدة، فأخذ الناس يتسابقون للزواج من بنات المحلّق.
(نفى الذمّ عن آل المحلّق جفنة أشمُّ كريمٌ جارُهُ لا يرهق)
٤- الشاعر الأعشى أوّل من دخل الجنّة في رسالة الغفران لأبي العلاء المعرّيّ،
لقوله: قد كنت أومن بالله وبالحساب وأنا في الجاهليّة الجهلاء، وقد أغرتني قريش وعلى رأسها سفيان بستمئةٍ من النوق الحمر، وقالوا لي: محمّد ينهاك عن الخمر، وأنت لا تستطيع العيش بدون الخمر، ألستَ القائل:
وكأسٍ شربتُ على لذّةٍ وأُخرى تداويتُ منها بها
لكي يعلمَ الناسُ أنّي امرؤٌ أتَيْتُ المعيشةَ من بابها
قال يمدح النّبيّ محمّد:
ألم تغتمضْ عيناك ليلةَ أرمدا وعادكَ ما عادَ السّليمَ المُسهَّدا
متى ما تناجي عند باب ابن هاشمٍ تُريحي وتلقى من فواضله يدا
نبيٌّ يرى ما لا ترون وذِكْرُهُ أغارَ لِعمري في البلاد وأنجدا
أجِدَّكَ لم تسمع وَصاةَ محمّدٍ نبيِّ الإلهِ حين أوصى وأشهدا
إذا أنت لم ترحل بزادٍ من التُّقى ولاقيْتَ بعد الموتِ مَنْ قد تَزَوَّدا
وذا النُّصبَ المنصوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ولا تَعبُدِ الأوثانَ واللّهَ فاعبُدا
و صلِّ على حينِ العَشِيَّاتِ والضُّحى ولا تَحمَد الشَّيطانَ واللّهَ فاحمَدا
ولا تَسخَرَنْ من بائسٍ ذي ضَرارَةٍ ولاتحسَبَنَّ المرءَ يوماً مُخَلَّدا
٥ - كان شاعر الخمرة بامتياز في زمانه، مفتوناً بها وبمجالسها، لايعدل بها شيئاً، ولايستطيع لها فراقاً، قد يرحل إلى قرية في اليمن ليشربها، اسمها أثافت يروون أنّه كان له بها معصر خمر:
أحبُّ أَثافِتَ وقتَ القِطافِ و وقتَ عُصارةِ أعنابها
و كان متلافاً لايبخل على الخمر بشيء، فالخمر والنساء والإسراف في فاخر الطعام قد ذهبت بماله:
إنّ الأخامرة الثلاث أهلكت مالي وكنتُ بهنَّ قِدْماً مُولعا
الخمرَ واللحمَ السّمينَ مع الطِّلى بالزَّعفرانِ ولا أزالُ مُرَدَّعا
وقد يشربها في الحِلّ والترحال، وقد يدأب على شربها في الريف ليالي وأياماً:
فقد أشرب الرّاحَ قد تعلمين يومَ المُقام ويومَ الظّعَنْ
وأشرب بالريف حتّى يُقالَ قد طال بالريف ما قد دَجَنْ
٦- و هو في طريق العودة من غير أن يدخل الإسلام وقع عن بعيره ومات عام 629 م.